فيما كان وما سيكون

الأحد، سبتمبر 20، 2009

وزارة التَـــعَلُــم

لو كان الأمر بيدي لغيرت اسم وزارة التربية والتعليم إلى: وزارة "التعلُم". أعرف بأن كلمة التعلم ستكون ثقيلة في البدايات إلى أن تصقلها المحاريب وتتعود عليها الألسن والآذان.
طبعاً الموضوع ليس مزحة، والقضية ليست قضية أسماء سميناها، ولكنها قضية مفاهيم نعيش بها تُشكل أنماط سلوكنا.
فأولاً: مفهوم التعليم يضع الوزارة في قلب العملية التعليمية (هي التي تعلم)، وهذا خلل في المنهج التعليمي والمعرفي لا يمكن إصلاحه إلا بإزاحة الوزارة من قلب العملية التعليمية ووضع الطالب مكانها. ومفهوم التعلم يكفل ذلك (فالطالب هو الذي يتعلم)، والطالب هو الغاية والوسيلة من نشأة الوزارة برمتها.
ثانياً: مفهوم التعليم يوحي بالتلقين الفوقاني ويشي بوجود مانح وممنوح: الوزارة: في وزيرها ومبانيها وهيئاتها التدريسية تعطي الطالب العلم. بهذا حصرنا مفهوم التعلم باتجاه واحد من الأعلى للأسفل وحاصرناه بمكان وزمان ومناهج ضيقة جداً... وهذا خلل منهجي آخر: الطالب يتعلم وذاتياً وبشكل ديناميكي متحرك (أو هكذا ينبغي أن يكون عليه الحال)، في البيت والشارع والسبلة والإنترنت والمدرسة. فالوزارة أو المدرسة إذن ما هي إلا إحدى الوسائل..كما لا ننسى هنا بأن ثقافتنا تلقننا بأن اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى ومفهوم التعليم كما هو عليه اليوم يُكرس علوية يد الوزارة ودونية يد الطالب.
 ثالثاً: مفهوم التربية مفهومٌ مطاط متباين عبر الثقافات والأجيال والأمكنة والأزمنة والرؤى الفردية وليس من الممكن أو من الحكمة لملمته في وزارة واحدة.
رابعاً: ما هي التربية أصلاً إلا تعلم مستمر: تعلم الطالب كيف يتعلم وكيف يعيش؛ وهنا تشترك المدرسة مع البيت والشارع والمستشفى والسجن في تربية الفرد.
أما عن التسمية باللغة الإنجليزية فسأسمي الوزارة Ministry of Learning بدلاً من  Ministry of Education. (لاحظ غياب كلمة التربية من الاسم الإنجليزي للوزارة) وهذا وفر علي جهد كبير.
باختصار:
مفهوم "التعلُم" له مفعول هام جداً في الارتقاء بالطرفين: الوزارة والطالب، فالمفهوم:
1.    يضع الطالب في محور المؤسسة وبالتالي يُعيد توجيه مواردها وطاقاتها للاتجاه الأصح.
2.    يُحمّل الطالب مسؤولية المهمة التعليمية ويلقنه مناهجها الصحيحة خارج المدرسة وداخلها.


ليت شعري هل هذا هو القاصر الوحيد على التربية والتعليم في عمان؟ بالطبع لا: ولكني أجزم بأنها هي البداية الصحيحة...!




لو أستطيع....
أعدتُ ترتيب الطبيعة...
هاهنا صفصافة وهناك قلبي
هاهنا قمر التردد
هاهنا عصفورة للانتباه
هناك نافذة تعلّمكِ الهديلا
وشارع يرجوكِ أن تبقي قليلا...

هناك 5 تعليقات:

Muawiya Alrawahi يقول...

أييييوه .. كده تمام .. تو أبو الشباب يدوَّن .. المهم اختار لك اسم غير [التاريخ] .. تخيل نقول [التاريخ] كتبَ تضعنا في سياق آخر ..

شوف لك اسم غاوي أقصد اسم [الكاتب] في المدونة ..

موسى البلوشي يقول...

سأخبرك بإنجاز جديد خطته وزارتي قريبا:
استبدال "المتفوق" بــ "المجيد"!!

كم نحن أقوياء في اللغة..
نستهجن بعض الألفاظ..فستبدلها بألفاظ مبهمة لا تقوى عليها أذهاننافنستمر في التوهان!

أتعلم: تغيير هذه الكلمة سيترب عليها مناقصات لتغيير الكثير من التقارير والمراجع والأدلة وخطط المدارس وخطط الاخصائيين الاجتماعيين!

وسلملي على يحيى تأجيل!

التاريخ يقول...

كنت أعتقد بأنه تم استبدال "المتميز" أو "يمتاز" ومشتقاتها..!
لازلت أرى بأن المفاهيم الخاطئة لا تأتي سوى بخطط وبرامج خاطئة أولا خطط ولا برامج، كما لازلت أرى بأن الطالب ينبغي أن يكون محور العملية "التعلُمِية وقلبها: إليه تُوجه الموارد والطاقات.
ولكن... إذا كنت لا تعلم إلى أين أنت ذاهب، فليس مهماً أي الدروب تسلك...
باين في الشعب التلقين الأجوف والتعليم الفوقاني.
شكراً يا موسى على المرور .

غير معرف يقول...

أقول أنت يا التاريخ باغي منك تشرحلي الفرق بين

( كوعك، وبوعك )

وشكرا

أميرة
جامعة السلطان

التاريخ يقول...

مرحباً بك أيتها/أيها الأميرة!!
قواميسي تآكلت، وخطوط يديّ أمحت من "حمل الإضبارات المدرسية وشد القلوع في الأحلام".. وأنفاسي انقطعت من النفخ في مواقد الشتاء المنطفئة،
أما عن كوعي وبوعي فاقرئيهما أنت مني السلام.
شكراً على الإطلالة.