فيما كان وما سيكون

السبت، سبتمبر 19، 2009

اليد المانحة، اليد العليا:

غالباً ما كانت العلاقة بين الإنسان العماني والدولة مبنية على مفهوم اليد المانحة: المواطن يبقى شاكراً وممتناً طوال حياته لما تقدمه له الدولة، صابراً على ما يجد منتظراً بصمت ورجاءٍ لما سيأتي.
هذه الفكرة كرستها وزارة الإعلام ولعبت عليها منذ نشأتها إلى اليوم. وهذه الوزارة كرّس لها المهذون العماني جداً معاوية الرواحي نفسه ووقته، ولا أقوى على الزيادة عليه أو على مزاحمته.
لكني سأحاول تفنيد من أين جاء مفهوم اليد المانحة أو اليد العليا اجتماعياً وثقافياً ودينياً. 
حين دخلت عمان إلى دولة المؤسسات والقانون دخلت، بوعيٍ أو بدون وعي، من أبوب القبيلة، وفي الطريق حملت معها أزياء القبيلة ومناهجها الأولية.
كان الناس في القبيلة ممتنين وشاكرين للمشايخ (وإمام المسجد)، صابرين عليهم منتظرين لهم. ما حدث بالضبط هو أن هؤلاء الشيوخ انتقلوا بقدرة قادرة من قمة الهرم الاجتماعي إلى قمة الهرم المؤسساتي، وفي أحوال أخف وكنوع من التورية، نقلوا من يمثلهم أو من سيكون تابعا لهم من إي مكان في الهرم الاجتماعي إلى قمم الهرم المؤسساتي. وبما أنني أريد أن أستخدم كلمة محاصصة أقول: تمت في عملية الانتقال محاصصة ما بين المناصب والمراكز الاجتماعية.
على سبيل المثال، كان الناس يصبحون صباح العيد في السبلة ليسلموا على الشيخ،  وهاهم اليوم يصبحون في قاعات الاجتماع ليسلموا على الوزير. وكانوا يقدمون الأعيان "الاجتماعيين" في المجالس، وأصبحوا اليوم يقدمون الأعيان "المؤسساتيين". الأكثر من ذلك هو أن الألقاب غير المتأصلة اجتماعياً انتقلت إلى المؤسسة وتأصلت فيها كقولهم معالي أو سعادة الشيخ لمن هو ليس بشيخ في الأصل الاجتماعي.
هذا النوع من الهرمية كان في الماضي ضرورياً أو على الأقل مفهوماً: زمن الحروب القبلية وزمن غياب الأمن والحاجة المادية والنفسية. ولكن أن يُكرس خارج هذه الدوائر فهذا ما لا يمكن تفهمه أو التفاهم معه.
فيالها من خلطة عجيبة أو خطة محكمة بين المؤسسة والقبيلة: في زمن سفّهه في الإعلام المواطن واستخف بعقله ونقله، لم يتبق سوى أن تُدرج في المناهج المدرسية مهارات الموظف الاجتماعية وقدراته على المن والشكر والثناء والخنوع أمام المسئولين. لم يبق سوى أن تُضاف في استمارة تقييم الأداء الوظيفي مهارات الموظف في الحسب والنسب وحضور العزيات والأفراح وارتداء الخنجر وحمل العصا.
لماذا لا نذهب إلى ما هو أعمق؟ فهنالك سبب أعمق وراء فكرة اليد المانحة أو اليد العليا: إنه الدين. نعم، ففي ظروف غامضة امتدت فكرة الواحد الأحد من الدين إلى الشيخ ومنه إلى الوزير كما ذكرت آنفاً: القادر القوي الأوحد العظيم الذي لا يخطئ، والذي يخضع الجميع لسلطته وجبروته.
الدين الإسلامي مبنيٌ على استعارة الملك الجبار المتكبر المعطي المعز المذل الدائم الذي لا معقب لكلماته...
وهكذا امتدت هذه الاستعارة ونمت جذورها من الله إلى النبي إلى الخليفة إلى الشيخ إلى الوزير، إلى أن تكتمل دورتها وتعود إلى الله، فيا أيها الناس: "اتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"





هناك تعليقان (2):

Muawiya Alrawahi يقول...

هذه الفكرة كرستها وزارة الإعلام ولعبت عليها منذ نشأتها إلى اليوم. وهذه الوزارة كرّس لها المهذون العماني جداً معاوية الرواحي نفسه ووقته، ولا أقوى على الزيادة عليه أو على مزاحمته.

هههه قصدك ضيع وقته جالس ينفخ في قربة مشروخة ..

أقولك موه .ز فيكم أنتم البركة أنا بسني من هذي الوزارة الـــ .. اللهم إني صايم ..

واحد يحبك بقدر ما يختلف معك! يقول...

http://www.omania2.net/avb/showthread.php?t=562851

اندوك وشوف حال موه تسوق المنتديات العمانية, وشوف هيئة اللي محتفي ومحتفله بيه "سبلة عمان"؟! وطبعا عندك السيرة الذاتية من هين جاب البكريوس؟ والماستر؟ والدكتوراه؟ خلي بالك, ما له علاقة البر بالوهابية ولا باللي تتكلم عنهم!