فيما كان وما سيكون

الجمعة، سبتمبر 25، 2009

في اللهجات العمانية



المتتبع للأعلام العماني المرئي والمسموع يلاحظ فوراً انسحاب اللهجات العمانية من المشهد والمسمع، وتواريها على استحياء خلف لهجات هجينة  لا شرقية ولا غربية شوهت الأصل والفرع...


والأهم هنا هو أن ذلك لم يعد قاصراً على المذيعين والممثلين في الإعلام وحدهم، بل انسحبت الظاهرة إلى المتلقين البسطاء: فكثيراً ما نسمع لهجة عمانية بأصالتها وبساطتها وجمالها تتوارى خجلاً أو تتلوى وتحتضر بين شفاه أحد المتصلين بالإذاعة الذي يتلوى هو الآخر خلف المذيع أو المذيعة التي تتلوى هي الأخرى خلف قنوات ولهجات واطروحات وقضايا لا تمت بصلةٍ للواقع العماني، ولا للماضي العماني،  ولا للحلم العماني (إن بقي حلمٌ عماني أصلاً)..سلسلة طويلة من التشويه امتدت إلى المساكن والشوارع والمؤسسات العمانية لنسمع الكثيرين يلون ألسنتهم ولهجاتهم في حواراتهم الرسمية وغير الرسمية


وإذا كانا لا نجادل في اعتزاز المسئولين في الإعلام بعمانيتهم، فلماذا إذا هذا التشوه والتشويه؟
يمكن النظر إلى الموضوع من أكثر من زاوية، من بينها:
1.     التشويه من الداخل: حركة التشويه الطويلة والدءوبة التي مارسها الممثلون العمانيون والممثلات العمانيات على اللهجات العمانية منذ فجر الإعلام في عمان إلى يومنا هذا. مسلسلات ميّعت اللهجات العمانية والإنسان والمكان وشوهت الشخصية العمانية عموماً، وجعلت العامة قبل النخبة ينفرون منها..فحتى على المستوى الفني فإن أقبح ما في الممثل هو إحساس المتلقي بأنه "يُمثل".
2.     عقدة النقص: منذ منتصف القرن الماضي وشريحة كبيرة من العمانيين يعانون من شيء من النقص والدونية أمام الخليج والخليجيين: أمة بكل هذا الإرث الحضاري والعمق التاريخ انتهى بها المطاف في أعمال يُعتقد بأنها متدنية ووضيعة في الدول المجاورة. ومع تدفق المزيد من النفط في المنطقة بأسرها (إلا في عمان)، ازدادت المشكلة عمقاً واتساعاً..قد يكون العماني استقر به المطاف في عمان، ولكن جاء الغزو الإعلامي الخارجي إلى عقر داره ليضاعف من انهزامه النفسي والاقتصادي.. لقد تغيرت مقاييس الحضارة والتقدم الماضية لتحل محلها مقاييس أخرى منها كرة القدم وما أدراك ما كرة القدم والدراما والمسرح والغناء والشعر الشعبي وناطحات السحاب وعدد القنوات الفضائية ودخل الفرد من النفط، والهواتف المحمولة وغيرها الكثير من المقاييس ليجد العماني نفسه مهزوماً أمامها كلها، وليجد نفسه في دولة محسوبة جغرافياً واقتصادياً على دول نفطية متخمة، رغم أنها لا تُصنف أصلاً من بين الدول النفطية. هذه الانهزام أمام كل شيء كان عاملاً مهماً لحركة التقليد الأعمى ولي الألسن واللهجات.  
3.     في نفس المحور الاقتصادي (وربما بسببه) نجد بأن الحكومة العمانية تتحرك على استحياء في تنفيذ مشاريعها كماً ونوعاً مقارنة مع دول الجوار، وربما المثال الأنسب هنا هو طائرة الـAirbus، اليتيمة التي تم شرائها مؤخراً، بين دول تحسب أساطيلها الجوية كما تحسب نوقها. ومن ذلك أيضاً المشاريع المتواضعة الأخرى كمشروع الموج والمطار والمواني وتطوير المدن الرئيسة في عمان. وهنا يبرز الدور السلبي للإعلام مجدداً في تفاعله مع هذه المشاريع المتواضعة بكل ما تعنيه كلمة استغباء للعمانيين والاستخفاف بعقولهم.. فلو كنا نحن من اخترع الـAirbus هذه لما أقمنا الدنيا ولم نقعدها كم فعل الإعلام حين اشتريناها بعد لأي.
4.     الحكومة بكل منظوماتها المؤسساتية لم تفعل الكثير لصيانة واستمرارية الثقافة العمانية ببعديها المادي وغير المادي: اللهجات والأزياء والفنون والمعمار والأكلات والآثار والأفلاج والعادات والتقاليد وحتى المعتقدات وعشرات الأبعاد الثقافية الأخرى تسربت من بين أيدينا، لنجدها إما في متاحف الآخرين أو في فنونهم وإعلامهم ولنستوردها إعلامياً مشوهةً يتيمة، ومخجلة، وسطحية، ولكم في أغاني عبدالله بالخير مثال على ما أعني.  
5.     التعليم العالي والإعلام: لست أدري لماذا، أصبح الإعلام العربي سقفاً وأنموذجاً للإعلام العماني وللعمانيين عموماً.. هذا الإعلام العربي الهزيل أصلاً والذي ما هو إلا تشويه لشخصيات ولهجات مواطنيه، أصبح هو غاية ما نطمح إليه، وأصبحنا نبعث بالطلبة العمانيين للدراسة في معاهد الإعلام في مصر والكويت مثلاً، وهي معاهد هزيلة أصلاً وضيقة الأفق ولا تمت بصلة لمصر أو الكويت.. قارن بين ضيق الأفق هذا واتساعه حين كنا نبعث طلبة وطالبات فرقة الأوركسترا السيمفونية إلى النمسا وعاصمتها الجميلة لنأخذ الأشياء من منابعها.
6.     أخيراً، لا أعرف لماذا يود الكثيرون دائماً إضافة نظرية "المؤامرة" في الموضوع، كقولهم بوجود أناس هنا، في الداخل، يعملون على تشويه اللهجات وتسطيح العقول ومحو الشخصيات، وعدم السماح للعماني بالتقدم خطوة واحدة للإمام، بل الرجوع به إلى الوراء لعشرات السنوات...!

الثلاثاء، سبتمبر 22، 2009

بين العقل والجسد



سواءً علينا أأخذنا بنظرية النشوء والارتقاء أو آمنا بفكرة الخلق )أو الـIntelligent Design كما تُسمى(، فسنجد الكثير من الملاحظات السلبية في  تصميم  وإنشاء الجسد البشري.
من ذلك مثلاً:
1.     الزائدة الدودية. 
2.     شبكية العين.
3.     غدة البروستاتا.
4.     فقرات أسفل الظهر.
5.     دولي الأطراف السفلية.
6.     الفك والأسنان وأسنان "العقل" المزعجة.
7.     الشعر من حيث الكم والتوزيع.
8.     الأثداء: لماذا توجد في الرجال من جهة؟ وما مدى صلاحيتها كآلة إرضاع عند النساء من جهة أخرى؟ ولتعرف ما أعني قارنها بالمرضعة الصناعية أو بأثداء الماعز أو البقر مثلاً. وتذكر من ناحية أخرى بأنه لو غفلت الأم المرضعة لبعض الوقت عن رضيعها فسيختنق فوراً، ولات حين مناص.
قبل الاسترسال أقول: المشكلة الوحيدة هنا هي أننا حين نؤمن بفكرة الخلق فإننا لا نستطيع أن نناقش فكرة بناء الجسد بهذا المنهج، ولا نستطيع أن نسمي هذه الأمور أخطاءً أو عيوباً. ولكن دعونا نتجاوز ذلك مؤقتاً، دعوني أكمل فكرتي ولنسمها تحديات أو ابتلاءات جسدية دنيوية.
ولكي تتضح الفكرة أكثر أقول: لو اجتمع نخبة من الفسيولوجيين وأطباء العظام مع نخبة من المهندسين ألا يمكن تصنيع فقرات أسفل الظهر بشكل أفضل مما هي عليه الآن من حيث المرونة والتحمل والاستمرارية ؟
لست متخصصاً في تصميم الأجساد وإنشاءها، ولكن من يتحاور مع طبيب مختص أو من تجاوز الخمسين أو يعرف شخصاً تجاوز الخمسين فسيعرف تماماً الإشكاليات التصميمية والإنشائية التي أعنيها (ولا تعنيني).
طبعاً لا تعنيني جسدياً حتى أقترب منها جسدياً، ولكن تعنيني هنا مسألة أخرى هي: علاقة ذلك بالدماغ، وعلاقته بالعقل البشري(صنيعة الدماغ).
لاحظ معي بأن هذه العيوب الجسدية ساهمت كثيراً في فرض أنماط سلوكية ومعيشية وثقافية بعينها دون أخرى. وفرضت تقدم البشرية في اتجاهات محددة، على حساب اتجاهات أخرى..هذه الإشكاليات الجسدية ساهمت في رسم علاقة المرء بنفسه وبالآخر وبالأشياء وبالزمان والمكان. بمعنى أنها وَظفّت (أو ساهمت في توظيف) العقل البشري والوعي الجمعي و الفردي توظيفاً كان سيختلف عمّا سيكون عليه الحال لو لم تكن هذه الأخطاء موجودة.. أو ربما العكس: أي أن العقل هو الذي وظفها ولكن تبقى فكرة التوظيف قائمة.
إذا كانت هذه العيوب، وغيرها العشرات، موجودة في الجسد، فماذا عن الدماغ رديف الجسد من جهة والمنتج الأول للعقل من جهة ثانية؟


أقترب الآن من جوهر سؤالي، وهو: هل توجد أخطاء أو عيوب أو إشكالات تصميمية في الدماغ؟ وكيف نثق بأنها لا توجد؟ وما الذي أدت إليه هذه الأخطاء (إن وجدت)؟
طبعاً لو كانت موجودة فسيكون قد أسفر عنها الكثير. خصوصاً في نظريات ومفاهيم الأشياء المجردة: خذ مثلاً نظريات الإنسان في اللغة، وفي الوجود، وفي الموت وما بعده، وفي الحب والعواطف عموماً، خذ نظرية النشوء والارتقاء: هذه كلها صنيعة آلة اسمها الدماغ لم نسأل عن مواصفاتها التصميمية وجاهزيتها للصنع والتصميم.
ولكن، كيف نعرف عن وجود أخطاء تصميمية في الدماغ من عدمه؟ كي نجيب على ذلك ينبغي أن نجيب على السؤال الآتي: كيف ينبغي أن يكون الدماغ أصلاً كي يكون بلا أخطاء؟
فمثلاً: نحن نعرف بـ"العقل" أولاً عن وجود أخطاء في العمود الفقري أو في الأثداء (أي من خلال المشاكل والتحديات التي أنتجها العقل من تفاعله معهما) ، ونعرف بذلك ثانياً لأننا نستطيع بكل بساطة تصميم عمود فقري أفضل وأثداء أفضل. لكن كيف نعرف عن وجود أخطاء تصميمية في الدماغ؟
قد يقول قائل بأن ذلك ممكن من خلال الــ Virtual Reality: أو الكمبيوتر وبرمجياته عموماً! ولكن إلى أي مدى يمكن ذلك إذا كان كلاهما من إبداعات العقل البشري أو من إخفاقاته؟
ينبغي إذا البحث عن دائرة تصميمية أخرى تكون خارج دائرة العقل البشري؟ هل نستطيع القول بأن الأديان هي هذه الدائرة؟؟
ربما، ولكن من المبكر جداً قول ذلك. وإلا لماذا هذه الإشكاليات في التصميم أولاً؟ وثانياً: لماذا لم تستسلم كل العقول البشرية للدين وتأخذ به؟ ولماذا لا يكون الدين هو صنيعة العقل وليس العكس؟ ولماذا الأسئلة أصلاً؟ بمعنى لماذا تترك الأديان أسئلة مثل هذه ورائها؟ وأخيراً: أي دين نعني؟
سوف تكون "أبيخ" نهاية لهذا الموضوع هي: الدعوة لاحترام العقل..ونتبعها بهذه الخطبة: نعم،  مزيداً من الاحترام لعقولنا أيها الناس، مزيداً من الاحترام ولو بشكل مؤقت، إلى أن نستطيع تجاوز هذه العقول.. وحتى ذلك اليوم دع الجبناء يزعقون بأن ذلك مستحيل.

الأحد، سبتمبر 20، 2009

وزارة التَـــعَلُــم

لو كان الأمر بيدي لغيرت اسم وزارة التربية والتعليم إلى: وزارة "التعلُم". أعرف بأن كلمة التعلم ستكون ثقيلة في البدايات إلى أن تصقلها المحاريب وتتعود عليها الألسن والآذان.
طبعاً الموضوع ليس مزحة، والقضية ليست قضية أسماء سميناها، ولكنها قضية مفاهيم نعيش بها تُشكل أنماط سلوكنا.
فأولاً: مفهوم التعليم يضع الوزارة في قلب العملية التعليمية (هي التي تعلم)، وهذا خلل في المنهج التعليمي والمعرفي لا يمكن إصلاحه إلا بإزاحة الوزارة من قلب العملية التعليمية ووضع الطالب مكانها. ومفهوم التعلم يكفل ذلك (فالطالب هو الذي يتعلم)، والطالب هو الغاية والوسيلة من نشأة الوزارة برمتها.
ثانياً: مفهوم التعليم يوحي بالتلقين الفوقاني ويشي بوجود مانح وممنوح: الوزارة: في وزيرها ومبانيها وهيئاتها التدريسية تعطي الطالب العلم. بهذا حصرنا مفهوم التعلم باتجاه واحد من الأعلى للأسفل وحاصرناه بمكان وزمان ومناهج ضيقة جداً... وهذا خلل منهجي آخر: الطالب يتعلم وذاتياً وبشكل ديناميكي متحرك (أو هكذا ينبغي أن يكون عليه الحال)، في البيت والشارع والسبلة والإنترنت والمدرسة. فالوزارة أو المدرسة إذن ما هي إلا إحدى الوسائل..كما لا ننسى هنا بأن ثقافتنا تلقننا بأن اليد العليا خيرٌ من اليد السفلى ومفهوم التعليم كما هو عليه اليوم يُكرس علوية يد الوزارة ودونية يد الطالب.
 ثالثاً: مفهوم التربية مفهومٌ مطاط متباين عبر الثقافات والأجيال والأمكنة والأزمنة والرؤى الفردية وليس من الممكن أو من الحكمة لملمته في وزارة واحدة.
رابعاً: ما هي التربية أصلاً إلا تعلم مستمر: تعلم الطالب كيف يتعلم وكيف يعيش؛ وهنا تشترك المدرسة مع البيت والشارع والمستشفى والسجن في تربية الفرد.
أما عن التسمية باللغة الإنجليزية فسأسمي الوزارة Ministry of Learning بدلاً من  Ministry of Education. (لاحظ غياب كلمة التربية من الاسم الإنجليزي للوزارة) وهذا وفر علي جهد كبير.
باختصار:
مفهوم "التعلُم" له مفعول هام جداً في الارتقاء بالطرفين: الوزارة والطالب، فالمفهوم:
1.    يضع الطالب في محور المؤسسة وبالتالي يُعيد توجيه مواردها وطاقاتها للاتجاه الأصح.
2.    يُحمّل الطالب مسؤولية المهمة التعليمية ويلقنه مناهجها الصحيحة خارج المدرسة وداخلها.


ليت شعري هل هذا هو القاصر الوحيد على التربية والتعليم في عمان؟ بالطبع لا: ولكني أجزم بأنها هي البداية الصحيحة...!




لو أستطيع....
أعدتُ ترتيب الطبيعة...
هاهنا صفصافة وهناك قلبي
هاهنا قمر التردد
هاهنا عصفورة للانتباه
هناك نافذة تعلّمكِ الهديلا
وشارع يرجوكِ أن تبقي قليلا...

في التعليم العالـــي


كتب الدكتورعبدالله الحراصي مقالاً منذ أيام ينادي فيه بــ"ضرورة تحرك الدولة العمانية نحو فتح جامعات حكومية جديدة،...". (http://harrasi.blogspot.com/2009/09/blog-post_06.html)
كما استرسل قبله وبعده العديد من المنادين للدولة واللائميها على سكوتها وتراخيها، وحذروا من خطورة الاتكاء كلياً على القطاع الخاص في هذا الشأن في هذه المرحلة.
 الدكتور عبدالله (أو الدختور) حسبما يحب المهذون الأكبر معاوية أن يسميه، يقول بكل بساطة "أن التعليم العالي في سلطنة عمان ... قضية تقع في قلب مفهوم الأمن الوطني الشاملة".
نعم، أتفق معه في الغايات ولكنني أختلف معه كلياً في الوسائل: وأنادي بضرورة تحرك الدولة العمانية نحو ما يلي:
أولا:إغلاق الكثير، إذا لم يكن جميع الجامعات والكليات الخاصة في عمان.
ثانياً: ضخ ما يمكن ضخه من موارد مالية وبشرية وسحرية في جامعة السلطان قابوس بأسرع ما يمكن، ووضعها تحت العناية المركزة ومدها بالهواء والغذاء والمنشطات قبل فوات الأوان، عسى أن تعود كما أراد لها بانيها أن تكون.
ثالثاً: البدء فوراً في إعداد خطة وطنية متكاملة لإرسال أكبر عدد ممكن من العمانيين والعمانيات للدراسة في الخارج، وفق خطة العمل أو الـ Action plan التالية:
1.     الاستعانة بمتخصصين وبيوت خبرة "حقيقية" في سبيل جرد وتبويب أعرق الجامعات في العالم: على أن تترك جانباً تلك الدول التي تشبه هي وجامعاتها محلات "كل شيء بريال"، وتترك وزارة التعليم العالي للتنفيذ لا للتخطيط.
2.     تصنيف حاجات التعليم العالي في عمان: ليس وفق حاجات "سوق العمل" كما يحلو للسماسرة وتجار البشر والعلم قصيري النظر المستنفعين بالبلاد والعباد أن يفكروا. ولكن وفق الحاجة المعرفية العليا أولاً، يليها الحاجات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية.
3.     توزيع الحاجات في "2" أعلاه على الجامعات في "1" مع مراعاة الحيادية والموضوعية من جهة ومتطلبات جميع المراحل القادمة من جهة أخرى. 
4.     رصد الموازنة وبقية الموارد اللازمة والبدء فوراً في التنفيذ، حبذا منذ الأمس، والكف عن الفلسفات الناعسة التي لم يعد الدهر بقادر على أن يأكل عليها أو أن يشرب.
5.     وضع خطة مشابه في النوع وموازية في الزمن لشهادات الماجستير والدكتوراة.
خطة أقرب ما تكون إلى الحلم لن يتاح تنفيذها ما لم نستيقظ على الواقع المحيط بنا والمستقبل الذي ينتظر على الأبواب.
التعليم العالي ليس مباني وهيئة تدريس وارتباط أكاديمي. التعليم العالي ثقافة ونمط حياة. ومؤسسات التعليم العالي في عمان لم تعد قادرة على خلق هذه الثقافة وهذا النمط. هو وسيلة وغاية في آن واحد ومؤسسات التعليم العالي في عمان لم تعد تملك الوسيلة ولا ترى الغاية. والمزيد من الانغلاق بإنشاء جامعات في عمان لن يجدي إلا في تكريس ثقافة الانغلاق وغياب الرؤية وشح الوسائل... وتكريس ثقافة المارثون والتزاحم على مقاعد الدراسة والشعبطة في وسائل النقل والتشرد في الشوارع والتكدُس في المساكن ليلاً وعلى المقاهي نهاراً، واستجداء المعونات الشهرية.
·        أين ذهب أولئك العمالقة من جامعة السلطان قابوس، ومن حل محلهم، وكم وفّرنا من رواتبهم؟
·        كم سعر بحث البكالوريوس أو الماجستير في الجامعات والكليات العمانية في سوق العمالة الأكاديمية الرخيصة القادمة من دول الفقر والزحام والخيانات والأحزمة الناسفة والتناحر الطائفي.
·        قارن بين المباني التي قامت مع الجامعة والمباني التي جاءت لاحقاً، وستعرف ما جنته ثقافة الرخص والتوفير والاستعجال والتخطيط الارتجالي والمشية العرجاء والنظرة الحولاء قصيرة المدى.
·        كم عدد البحوث والدراسات المحكمة التي نشرتها جامعة السلطان قابوس في المؤتمرات والمجلات المحكمة.
حتى التسميات، في ثقافة الانغلاق هذه، ينبغي التفكير فيها: فالتسميات المناطقية والجهوية (نزوى، صور البريمي، ظفار، صحار) خطيرة في ثقافة لم تتخلص بعد من المناطقية والجهوية.
باختصار، عمان عموماً، والتعليم العالي خصوصاً، لا تحتاج إلى المزيد من الانغلاق، تحتاج إلى المزيد من الأبواب والنوافذ: نحو الشمس والهواء النقي والدماء الجديدة، المزيد من الآفاق والسموات المفتوحة على الحرية والفكر، دون ذلك فإن ما بُني في عام سيُهدم في لحظة غفلة وحينها لن ينفع الندم.

السبت، سبتمبر 19، 2009

اليد المانحة، اليد العليا:

غالباً ما كانت العلاقة بين الإنسان العماني والدولة مبنية على مفهوم اليد المانحة: المواطن يبقى شاكراً وممتناً طوال حياته لما تقدمه له الدولة، صابراً على ما يجد منتظراً بصمت ورجاءٍ لما سيأتي.
هذه الفكرة كرستها وزارة الإعلام ولعبت عليها منذ نشأتها إلى اليوم. وهذه الوزارة كرّس لها المهذون العماني جداً معاوية الرواحي نفسه ووقته، ولا أقوى على الزيادة عليه أو على مزاحمته.
لكني سأحاول تفنيد من أين جاء مفهوم اليد المانحة أو اليد العليا اجتماعياً وثقافياً ودينياً. 
حين دخلت عمان إلى دولة المؤسسات والقانون دخلت، بوعيٍ أو بدون وعي، من أبوب القبيلة، وفي الطريق حملت معها أزياء القبيلة ومناهجها الأولية.
كان الناس في القبيلة ممتنين وشاكرين للمشايخ (وإمام المسجد)، صابرين عليهم منتظرين لهم. ما حدث بالضبط هو أن هؤلاء الشيوخ انتقلوا بقدرة قادرة من قمة الهرم الاجتماعي إلى قمة الهرم المؤسساتي، وفي أحوال أخف وكنوع من التورية، نقلوا من يمثلهم أو من سيكون تابعا لهم من إي مكان في الهرم الاجتماعي إلى قمم الهرم المؤسساتي. وبما أنني أريد أن أستخدم كلمة محاصصة أقول: تمت في عملية الانتقال محاصصة ما بين المناصب والمراكز الاجتماعية.
على سبيل المثال، كان الناس يصبحون صباح العيد في السبلة ليسلموا على الشيخ،  وهاهم اليوم يصبحون في قاعات الاجتماع ليسلموا على الوزير. وكانوا يقدمون الأعيان "الاجتماعيين" في المجالس، وأصبحوا اليوم يقدمون الأعيان "المؤسساتيين". الأكثر من ذلك هو أن الألقاب غير المتأصلة اجتماعياً انتقلت إلى المؤسسة وتأصلت فيها كقولهم معالي أو سعادة الشيخ لمن هو ليس بشيخ في الأصل الاجتماعي.
هذا النوع من الهرمية كان في الماضي ضرورياً أو على الأقل مفهوماً: زمن الحروب القبلية وزمن غياب الأمن والحاجة المادية والنفسية. ولكن أن يُكرس خارج هذه الدوائر فهذا ما لا يمكن تفهمه أو التفاهم معه.
فيالها من خلطة عجيبة أو خطة محكمة بين المؤسسة والقبيلة: في زمن سفّهه في الإعلام المواطن واستخف بعقله ونقله، لم يتبق سوى أن تُدرج في المناهج المدرسية مهارات الموظف الاجتماعية وقدراته على المن والشكر والثناء والخنوع أمام المسئولين. لم يبق سوى أن تُضاف في استمارة تقييم الأداء الوظيفي مهارات الموظف في الحسب والنسب وحضور العزيات والأفراح وارتداء الخنجر وحمل العصا.
لماذا لا نذهب إلى ما هو أعمق؟ فهنالك سبب أعمق وراء فكرة اليد المانحة أو اليد العليا: إنه الدين. نعم، ففي ظروف غامضة امتدت فكرة الواحد الأحد من الدين إلى الشيخ ومنه إلى الوزير كما ذكرت آنفاً: القادر القوي الأوحد العظيم الذي لا يخطئ، والذي يخضع الجميع لسلطته وجبروته.
الدين الإسلامي مبنيٌ على استعارة الملك الجبار المتكبر المعطي المعز المذل الدائم الذي لا معقب لكلماته...
وهكذا امتدت هذه الاستعارة ونمت جذورها من الله إلى النبي إلى الخليفة إلى الشيخ إلى الوزير، إلى أن تكتمل دورتها وتعود إلى الله، فيا أيها الناس: "اتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون"





الجمعة، سبتمبر 18، 2009

الازدواجية: بين التعليم المدرسي والتعاليم الدينية موذجاً


لو نظرنا اليوم إلى الثقافة الإسلامية عموماً والثقافة الوهابية والإباضية خصوصاً، فسنجد بوناً شاسعاً حد التضارب بين التعاليم الدينية المذهبية والتعليم المدرسي النظامي: فمثلاً يعلمون الأطفال في المدارس الفنون كالرسم والنحت والتصوير والموسيقى والرقص، بينما يعلمهم المشايخ والكثير من الآباء والأمهات أن هذه الأمور بدعٌ محرمة: سيصب الله في آذانكم الرصاص المذاب لو استمتعوا للموسيقى والغناء مثلاً. فريقٌ يعلم لغة اليوم وفريقٌ ينادي بلغة الأمس.

وحين يكبرون، يتعلمون في المعاهد والجامعات أصول الاقتصاد والتجارة الحديثة كالمعاملات البنكية والتأمين، وتبقى التعاليم الدينية تصب عليهم ليلاً نهاراً بأن هذه المعاملات من الربى المحرم شرعاً.

وحين يخرجون إلى سوق العمل ينقطع التعليم وتبقى التعاليم: أتذكر هنا فتوى مفتي عمان بحرمة شراء أسهم الشركة الوطنية للاتصالات، وأتخيل معاناة الراغبين في الدخول في سوق الأسهم الواقفين بين مطرقة الفقر والحاجة، أو حتى الطمع، من جهة وسندان التعاليم الدينية من جهة أخرى. (كما أتذكر استحواذ فئات أخرى على أسهم الشركة: إما لأنهم رموا بهذه التعاليم وراء ظهورهم أو لأن مذهبهم له ازدواجيته الأخرى).




من منا لا يعيش بشخصيتين (على الأقل): واحدة ظاهرة وأخرى باطنة؟ ومن منا لا يعيش بنمطيين سلوكيين؟؟ لا أقصد هنا بالطبع الازدواجية بمفهومها المرضي الذي يحتاج إلى تدخل خارجي (حتى الآن)، وإنما الحديث عن المفهوم السلوكي اليومي الذي تفرضه العادات والتقاليد والأديان. أستطيع أن أجزم ألا أحد. في كل المجتمعات وعبر الأزمنة والحضارات: والمثال الشائع هنا هو: إن الإنسان يأكل عندما يكون مع الناس بطريقة تختلف عن الطريقة التي يأكل بها حين يكون وحيداً.


الفرق سيكون في المقدار فقط وليس في النوع. بمعنى: إن فكرة الشخصيتين قائمة لا محالة ولكنها ستتفاوت، من أمة إلى أخرى، في البون بين الشخصية الظاهرة والأخرى الباطنة.

لازدواجية الشخصية أسباب كثيرة: فهي نتاج ثقافي حضاري من جهة وسبب في استمرارية الثقافة والحضارة من جهة أخرى. ما أعنيه هنا هو إن بعض الممارسات الاجتماعية والقيم والمبادئ والطقوس التي يقرها مجتمع ما تحتم على الإنسان أن يسلك مسلكين: مسلك يحفظه في المجتمع وآخر يحقق مآربه التي لا يقرها المجتمع. بهذه الوسيلة التفاوضية المهادنة تنشأ الازدواجية وتتعمق بقدر العمق بين متطلبات المجتمع ومناهجه ومتطلبات الفرد ورؤاه.
  

متى تصبح هذه الازدواجية ظاهرة اجتماعية سيئة: تضر بالفرد والجماعة وبالثقافة عموماً؟؟ عندما تبدأ في تعطيل مسيرة المجتمع ونموه الحضاري والاقتصادي. وعندما تبدأ هذه الازدواجية في إيذاء الفرد نفسياً وجسدياً ومالياً. وعندما يشعر الفرد بأنه لم يعد ينتمي إلى هذه الثقافة ولم يعد قادراً على تحمل المزيد من الازدوجية والتمثيل. عندما تقوم الازدواجية على التمزيق أكثر مما تقوم على الترقيع أو عندما يصبح ترقيعها شكلياً وبالياً.وعندما يضمحل التجانس الجمعي ومع ذلك تصر بعض القوى الاجتماعية أو الدينية على أن يبقى الجميع متلاحمين بالقوة، وبالأنماط التي لا يعرفون ولا يعترفون بغيرها.

لهذه الازدواجية تبعات كثيرة: منها ما يمس الفرد ويؤذيه نفسياً حين يجد نفسه يعيش في قطيع يرفضه ولا ينتمي إليه إلا اسمياً، ومنها ما يضر بالعلاقات الأسرية والاجتماعية، كأن تجد زوجيين دارت بهما الأيام ليبقى أحدها من القطيع ويُطرد الآخر خارجه، ومنها ما يمس الاقتصاد الوطني بفرضه أنماطاً بدائية من المعاملات تعطل تدفق الأموال والنمو الطبيعي للاقتصاد، ومنها ما يمس التقدم والرقي الحضاري بالمقاييس التي تريد الدولة أن تتبعها، ومنها ما يمس الأمن القومي للبلد: حين تصر التعاليم على موقفها وعلى مقاييسها ولكنها لا تجد سماءً لتمد فروعها فيها فتبدأ بمد جذورها في الخفاء وتبدأ بالنمو في الظلمات.

ولي عودة إلى هذه المسألة.



فطرة الأبدان:

لم يزل الشيخ سعيد القنوبي الباحث في مكتب الإفتاء في عمان مصراً على أن تكون فطرة الأبدان أو زكاة الفطر حباً من القمح أو الشعير، ولم يزل مصراً على تحريمها أن تُدفع نقداً، وذلك تمسكاً بالسنة النبوية، ومؤكداً بأن الأمر عبادة و"لا ناقش في العبادة".


سوف أنسى بأن هذا لقاءٌ غرائبي آخر بين الإباضية والوهابية، وسأتساءل عن الفتوى نفسها.
أستطيع أن أتخيل أكوام الحب من القمح والبر والشعير التي ستتكدس في بيوت الفقراء بعد يومين أو ثلاث من الآن، حين يحل عيد الفطر.
هذه الأيام هم أحوج يا سيدي لكسوة العيد ولكسوة المدارس ومستلزماتها: ولكن لا نقاش فالأمر عبادة.
كنت سأفهم مسألة العبادة هذه لو كان الأمر بين العبد وخالقه، ولكن لا أفهمه حين يكون الأمر بين العبد والعبد. لماذا لا يأخذ هذا العالم بمقاصد الشريعة كما يسمونها. لماذا يكون على الفقراء المتاجرة بالحَب (وبالحُب) في الأسواق السوداء والبيضاء كي تتحول حبوبهم ولحومهم إلى نقود يوارون بها سوءاتهم.



بمثل هذه الفتاوى يا أيها الشيخ الجليل، لا تتوقع أن يقف العالم عندكم: إن العالم سيتجاوزكم، كما تجاوزكم سابقاً مع فتاوى الفنون والآداب والبنوك والتأمين وغيرها العشرات.
سوف لن أذهب لأشتري حباً لأعطيه من سيذهب ليبيعه ويشتري بثمنه شيئاً آخر.
ولله الأمر من قبل ومن بعد

من رأى منكم منكراً!!

في حلقة اليوم من "سؤال أهل الذكر" والتي كانت أيضاً عن الإلحاد والملحدين كان مفتي سلطنة عمان يتحدث عن ضرورة التصدي للملحدين، واستشهد، مما استشهد به، بقول النبي محمد: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده...".
النص الكامل للحديث هو:" عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". رواه مسلم .


هذا الحديث يحتاج إلى وقفة تأمل: بغض النظر عن مفهوم المنكر، دعونا نتناول آلية تغييره التي ينتهجها هذا الحديث، وبالتالي سينتهجها مصدقوه. ولنفترض أولا أمكانية التغيير باليد، لأن علماء الحديث سيقولون بأنه شرطٌ لإحداث التغير. ولنضرب المثال التالي: إذا رأيت ابنك أو ابنتك يدخن سيجارة، أو يشرب الماء في نهار رمضان دون عذر شرعي. كلٌ من الأمرين منكرٌ دون شك، والتغيير باليد (في أكثر الأحوال) ممكنٌ هنا دون شك،. إذا عليك أن تذهب إليه (أو إليها)، وتخطف حبة السجائر (أو كأس الماء)، وتلقي به على الأرض وسيكون من الأنسب لإتمام عملية التغيير اليدوية هذه أن تصفعه على خده صفعةً تدوي لها الآفاق. ومن ثم تستطيع لو أردت أن تنصحه أو ربما تلعنه (حسب المزاج) ليتم التغيير باللسان، ومن ثم تتعوذ بالله من الشيطان الرجيم (سراً) وذلك أضعف الإيمان: التغيير بالقلب.
والآن: ماذا يقول علماء النفس وعلماء التربية عن هذه الآلية في التغيير، ماذا يقول العقل وماذا تقول الفطرة وماذا يقول مروضو الحمير والبهائم الأخرى.
بل ماذا يقول القرآن: "أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن". أين الآية من الحديث؟؟؟
هذا ما يقوله القرآن يا أيها الشيخ الجليل:
إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين {وبالملحدين}.
في نفس اللقاء كان الشيخ المفتي يتساءل عن الفوضى التي ستسود العالم إذا لم يتم التصدي للإلحاد والملحدين، مستشهداً بالحديث نفسه ومتكئاً عليه (حديث التغيير باليد)، ولكنه لم يتساءل عن الفوضى والإرهاب والجنون الذي سيسود العالم مع تطبيق حديث كهذا.
التغيير باليد هذا يا سيدي الجليل الذي تدعوننا إليه هو استعارة أو كنايةً عن السوط كما يحدث في بعض البلدان وعن السيوف والرصاص والأحزمة الناسفة.
كما أن العالم مليء بالملحدين والعلمانيين والكفرة والمنافقين، ولكن ضررهم ربما يكون أقل من ضرر أدعياء الدين وحماة الأخلاق، ونفعهم أكبر. وهناك قوانين وسنن وضعها العقل البشري تستطيع أن تحكم كل ذلك...

الخميس، سبتمبر 17، 2009

لماذا يسرقون الفرح؟؟






قبل أيام قرأت فتوى لمشايخ المذهب الإباضي تحرّم "القرنقشوه" وهي نفس فتوى مشايخ الوهابية التي حرمت "القرقيعان":مسمى آخر للقرنقشوه.
لماذا يسرقون البهجة ويغتالون الفرح من عيون الأطفال؟؟ لماذا هذا الحقد على كل شيء؟ 


قبل ذلك كانوا قد سرقوا كل أنواع الفنون وصادروا كل المباهج: الرسم والنحت والتصوير والموسيقى والغناء والرقص، والــMickey Mouse.
قتلتك يا موت الفنون جميعها، وقتل المذهبان الفنون.

نهاية شيء وبداية أشياء



اليوم في برنامج سؤال أهل الذكر، بتلفزيون سلطنة عمان، كان موضوع الحقلة عن الإلحاد والملحدين.
نُقل إلى التلفزيون والإذاعة ذلك الصراع الإلكتروني الخفي القائم بين الملحدين واللادينيين من طرف والمؤمنين من طرف آخر.
نُقل الأمر إذاً إلى من يعتقدون بأنهم أولو الأمر وإلى العامة والجمهور والدهماء..
لا أريد أن أعلق على البرنامج ولا على السائل أو المسئول أو لغة الحوار. أريد أن أقول شيئاً واحداً فقط: الويل مما هو قادم.
سوف لن يكون حواراً فكرياً، ولا ديمقراطياً ولا أخلاقياً كما قد يتوهم البعض. سوف لن يكون حواراً بالمطلق.. سوف لن يقف عند حدود الكلمة أبدأ. هكذا شأن كل ما يدور في ذلك الجزء من العالم. سيتحول إلى لوبيات ومؤامرات ومليشيات ودوائر صنع قرارات أقل ما يقال عنها بأنه ستكون ارتجالية وهادمة.
يكفي أن نلاحظ غياب الفكر وغياب الديمقراطية مع مولد الحوار التلفزيوني هذا: عندما كان طرفاً واحداً هو الخصم والقضاء والسجّان.
نطق الحكم فوراً وفي جلسة واحدة. والمفتى لم يكتف بالنصح والإرشاد ؛ بل صب جام غضبه وهدد وتوعد، وأبرق وأرعد وأزبد.
الويل مما هو قادم...